ما الذي يخبأه لنا مستقبل الكون؟؟




تفصلنا مليارات السنين عن الاصطدام المتوقع لمجرتنا بمجرة أندروميدا لكن بإمكاننا أن نفسح مجالاً لمخيلتنا قليلاً.

من المثير للدهشة كيف يمكن للأحداث التي أدت إلى نشوء شيء أن تؤدي إلى زواله. نصطدم بهذه الحقيقة بالذات حين نخوض في أعماق الكون والمجرات.
فعلى سبيل المثال يظن علماء الكواكب أن المذنبات والنيازك أثناء ارتطامها بالأرض منذ زمن بعيد كانت تحمل كميات كبيرة من الجليد مما زود الأرض بمعظم المياه الموجودة عليها، بالإضافة إلى الكثير من المواد العضوية الضرورية للحياة. تم رصد العديد من الجزيئات العضوية في المذنبات، وفي دراسة حديثة قام الباحثون بمحاكاة عملية اصطدام المذنبات باستخدام مسدس غازي لإطلاق ذئائق معدنية وإصابة أهداف من الجليد بسرعة 25 ألف كيلومتر في الساعة، تحوي الأهداف على بعض المواد الكيميائية الموجودة عادة في المذنبات. وقد سببت الصدمة وموجة الحرارة التي ولدها الارتطام عمليات أدت إلى نشوء جزيئات قامت بدورها بالتراكب لخلق الحموض الأمينية التي تعد اللبنات الأولى لبناء البروتينات.
وبنفس الوقت يمكن لما سبب الحياة على وجه الأرض أن يؤدي إلى زوالها. حيث يتوقع علماء الفلك أن مذنباً أو نيزكاً كبيراً بما فيه الكفاية سوف يرتطم بالأرض ويؤدي إلى زوال الحياة عنها كل 100 مليون عام. لحسن الحظ، إن صادف مجيء أحد هذه المذنبات وقتاً أقرب من ذلك فنحن نقوم ببناء أنظمة رصد لاكتشاف الأجسام القريبة من الأرض، وتوفير وقت مناسب لنا قبل الكارثة لتفاديها. 
بعض الكوارث التي نعلم من الآن أنها ستقع لا يمكننا تفاديها. حيث أن الجاذبية التي سمحت بتشكل مجرتنا درب التبانة وضعتنا أيضاً في مسار التصادم مع مجرة أندروميدا. حيث تؤكد الأرصاد الأخيرة أن أندروميدا تتجه نحونا بسرعة تقارب 100 كيلومتر في الثانية وستجتاز مسافة 2.5 مليون سنة ضوئية التي تفصلها عن مجرتنا بحوالي 4 مليارات سنة.
وبينما نتخيل المنظر كانفجار كبير، لن يشعر أحفادنا بالحدث أبداً (إن كان البشر ما زالوا على قيد الحياة). حيث يتوجب عليهم إيجاد موطنا آخر بحلول ذلك الوقت لأن أشعة الشمس ستكون قد وصلت إلى مرحلة تجعل الأرض كوكباً غير قابل للحياة. بالإضافة إلى كون المجرات عبارة عن فراغ بمعظمها، لذا لن يحدث اصطدام فعلي بين النجوم والكواكب.
ومع ذلك، مجرة درب التبانة التي نعرفها سوف تفنى. في البداية سوف تمر المجرتان بالقرب من بعضهما وتبتعدان حتى تبلغ قوة الجذب بما فيه الكفاية لتعودا وتصطدمان ببعضهما. وبينما تندمج المجرتان ستخسران بنيتهما الشبيهة بالقرص وتخلقان مجرة جديدة ذات شكل بيضوي أطلق عليها العلماء اسم Milkomeda.
إن بقي حجم الكون على ما هو عليه ستؤدي قوى الجذب التبادلي بين المجرات إلى أن تتحد جميعها في النهاية. لكن كما نعلم من دراسة الفيزيائي إدوين هابل فالكون يتوسع والمجرات تبتعد عن بعضها البعض. وخلال القرن العشرين تساءل علماء الكون عما إن كان الكون يحوي ما يكفي من الكتلة لاستيعاب هذا التوسع؟ أو هل ستستمر المجرات البعيدة بالابتعاد بسرعة متباطئة دون توقف؟
ثم أتى الاكتشاف عام 1998 الذي طرح خياراً لم يسبق توقعه: أن توسع الكون لا يتباطأ بل يتسارع. نعلم الآن أن 68 بالمئة تقريبا من طاقة الكون تتركز في الفضاء الخالي، مع ذلك ليس لدينا أدنى فكرة عن سبب ذلك. تتصرف الطاقة المظلمة هذه كنوع من مضادات الجاذبية الكونية-حيث يبدو أن الفضاء الخالي ينتج نوعاً من القوة النابذة. وقد تنافست هاتان القوتان لتؤثرا على توسع الكون بعد الانفجار الكبير. لكن بينما أخذ الكون بالتوسع انخفض تركيز المادة بينما بقي تركيز المادة المظلمة على ما هو عليه. وبينما قل تركيز المادة قل أثرها في قوى الجاذبية مما أدى إلى تسارع توسع الكون. وإن استمرت الطاقة المظلمة في السيطرة، ستكون النتيجة أسوأ مما تخيلناه يوماً. سيستمر التوسع الحالي إلى الأبد آخذاً بالتسارع، حتى تصبح جميع المجرات التي رصدناها حتى الآن –بحدود 100 مليار مجرة- بعيدة عن متناول أجهزة الرصد الخاصة بنا. وستكون مجرتنا وحيدة في الكون المرئي. وعندها حين ينتهي مخزون النجوم النووي سيصبح الكون مكاناً بارداً، مظلماً وفارغاً.
إن شعرت بالخيبة بعد هذا الاستنتاج الكئيب، تذكر أن هذا ليس إلا مجرد توقع. وإلى أن نفهم الطبيعة الحقيقية للطاقة المظلمة، سيبقى مستقبل الكون لغزاً. وقد تكون النهاية شيئاً لم نتوقعه بتاتاً. 

المصدر:
http://www.smithsonianmag.com/magazine/what-does-future-universe-hold-180947977/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق