خلال الحياة اليومية.. من الممكن ان نلاحظ إن أهل أحد ما قد وفرو له كل شي، وضعوه بأفضل مدرسة ولديه أفضل الأساتذة وأفضل جو للدراسة ومع ذلك فهو لا ينجح كتير دراسياً!
وعلى العكس فهنالك اشخاص وضعهم عادي وممكن أقل من عادي وبظروف سيئة وجو غير مريح للدراسة ومع ذلك عم يكونون متفوقون.. لماذا يا ترى؟!
قدّم العلم في السنوات الأخيرة إجابةً مرضيةً إلى حدٍّ ما عن النقاش القديم حول جدلية "الطبع أم التطبّع"* في تطوّر الإنسان، وأكّد الباحثون، بالاعتماد على الحوسبة المتقدّمة وأدوات المسح الدماغيّ، أنّ ضغوطات البيئة المحيطة تسبّب تغيُّرات وراثية لاجينية Epigenetic Changes* يُحدثها تغيّر التعبير في مورثةٍ ما، وتلعب دوراً كبيراً أكثر من المتوقع سابقاً.. الآن وعلى أيّة حال، أظهرت دراسةٌ جديدةٌ من المملكة المتّحدة أنّ المورّثات هي المؤثّر الأعظم الوحيد في نتائج الأطفال في الامتحانات الموحدة في المدرسة.
ولكن كيف يمكن أن نجد عيّنةً مناسبة للدراسة الاحصائيّة التي تهدف للتمييز بين أثر البيئة والمورثات؟ ببساطة، يمكننا ذلك عن طريق المقارنة بين التوائم الحقيقية (مورثات متطابقة وبيئة متشابهة)، وبين التوائم الكاذبة (مورثات مختلفة وبيئة متشابهة).
في بحثٍ نُشر في شهر كانون الأول لعام 2013، قارن الباحثون اختبارات الامتحان الموحّد الوطنيّ المأخوذ في كلّ أنحاء المملكة المتحدة بعمر الـ16 سنة، محلّلين بيانات أكثر من 11 ألفاً من التوائم الحقيقيّة والكاذبة*، وبالنظر إلى أن التوائم الحقيقيّة تتشارك مورّثاتٍ متطابقةً، قارن المحقّقون مجموعاتٍ من التوائم الحقيقيّة مع التوائم الكاذبة ليحددوا أن التأثير يسببه الـ DNA فقط.
في المواد الإلزامية كاللغة الإنكليزية والرياضيات والعلوم، فسّرت الاختلافات الوراثية حوالي 58% من اختلافات نتائج الامتحان، والعكس بالعكس، حيث استنتجوا أن 29% من التغيّرات كانت بسبب تأثير البيئة.
وفقاً لما يقوله الباحث نيكولاس شاكيشافت (Nicholas Shakeshaft) - مرشح للدكتوراه في جامعة الملك بلندن- وُجد أن درجات المواد العلمية (قابلة للتوريث) أكثر من درجات العلوم الإنسانية (الآداب) بشكلٍ مثيرٍ للاهتمام، وبنسب 58% و 42% على التوالي لكلٍ منهما.
ويقول شاكيشافت في بيانٍ صحفيٍ: "أظهر بحثنا أن اختلافات انجازات الطلاب التعليمية تدين للطبعِ أكثر من التطبُّع، وبما أنّنا نَدرُس كافة القطّاعات السكانية، هذا لا يعني أن علم الوراثة يفسّر 60% من أداء الفرد، لكن عوضاً عن ذلك فإنه يفسّر 60% من الاختلافات بين الأفراد، وهذا يعني أنّ التوريث ليس ثابتاً، فإذا تغيّرت تأثيرات البيئة المحيطة فإن التأثيرات الوراثية على الإنجازات التعليمية قد تتغيّر أيضاً".
ولكن، هل تعني تلك النتئاج أنّه من الممكن تغيير سياسات المدارس -في المستقبل- للتمييز بين الطلاب بناءً على استعداداتهم الوراثيّة؟
يجيب روبيرت بلومن (Robert Plomin) -مدير معهد مدرسة العلوم النفسيّة-: "ليس بالضرورة، وعوضاً عن ذلك، يجب أن يُوجّه البحث لتعرُّفٍ أفضلٍ على الاستعدادات الطبيعية وَسْطَ أطفال المدارس كوسيلةٍ للتقدم التعليميّ، من المهمّ التعرّف على الدور الذي تلعبه مورثاتهم، مما يعني أن الأنظمة التعليميّة الحسّاسة لقدرات واحتياجات الأطفال الفردية، والمُستَمَدّة بجزءٍ منها من استعداداتهم الوراثية قد تُحسّن إنجازاتهم".
ويقول مايكل أو-دونفان (Michael O’Donovan) من هيئة العلوم العصبية والصحة العقلية في مجلس البحوث الطبِّــيَّة بالمملكة المتحدة مُعلّقاً على البحث محاولاً منع إساءة فهم نتائجه:
هذه النتائج هي دليلٌ إضافيٌّ على أن المورثات تؤثر على الصفات التي تنعكس في النهاية على الأداء التعليمي، ولكن، علينا الانتباه إلى أن الباحثين وجدوا أن البيئة المحيطة بالطلاب مهمة أيضاً وأن هذا البحث لا يعني أن تحسيناتٍ في التعليم لن يكون لها منافع مهمة.
إن هذا البحث المموّل من القطاع العام يُبرز أهمية دراسة التفاعل بين المورثات والبيئات المحيطة، وكيف أن الاثنين يشكّلان دورة حياة الإنسان.
والان بعدما عرفنا عن هذا البحث.. لايكن ان نفكر به كـحاجز يمنع تقدمنا الدراسي،ولا حدا مننا يعرف ما الجينات التي يملكها! وفي أعتقادي ان الذي يجب ان يحدث هو العكس ويكون هذا البحث حافز حتى نتفوق دراسياً ونورّث هالتفوق لأبنائنا..
الهوامش:
*الطبع ضد التطبّع: أحد أقدم قضايا علم النفس التي تناقش المساهمة النسبية لكلٍّ من المورّثات التي نحملها (الطبع) وعوامل البيئية المحيطة (التطبّع).
*الوراثة اللاجينيّة (Epigenetics): علم التَخَلُّق؛ أن يكتسب الإنسان خُلقاً جديداً، مثلاً: تَخَلَّقَ فلانٌ بكذا: أي تطبّع به وأصبح خُلقاً أو طبعاً جديداً لهُ..
والتَخَلُّق بالمعنى العلميّ هو التغيّرات القابلة للتوريث التي تطرأ على مورثات الإنسان نتيجةً لعواملٍ خارجيةٍ مما يؤدّي لتوقُّف أو بدء عمل بعض المورّثات أو تغير التعبير المورثي لها.
*التوائم الحقيقية و التوائم الكاذبة:
-التوأم الحقيقي: توأم أصله بيضة ملقحة واحدة ولكن خلال عمليات الانقسام الخلوي يعطي جنينين ويكون لهما نفس الجنس ونفس الشكل ونفس المورّثات.
-التوأم الكاذب: توأم ينتج عن تلقيح بويضتين مختلفتين بنطفتين مختلفتين فينتج جنينان مختلفان قد يكونان من نفس الجنس أو أحدهما أنثى والآخر ذكر ويختلفان عن بعضهما في المورّثات
المصدر:
http://www.medicaldaily.com/when-it-comes-standardized-test-scores-genetics-more-important-environmental-factors-study-says
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق